تحتفل القومية الهررية سنويًا بمهرجان “شوال” التراثي، الذي يمتد لثلاثة أيام عقب انتهاء صيام الست من شوال، وسط أجواء مفعمة بالفرح والأنشطة الثقافية، وبمشاركة رسمية وشعبية واسعة تشمل مختلف شرائح المجتمع.
وانطلقت مساء أمس فعاليات المهرجان في مدينة هرر التاريخية، شرقي إثيوبيا، بحضور رئيس حكومة إقليم هرر، أوردين بدري، وعدد من كبار المسؤولين الإقليميين والفيدراليين، إلى جانب ممثلين عن مجموعات ثقافية من الإقليم والأقاليم المجاورة، وجموع من الأهالي والزوار.
ويضم المهرجان، المُدرج ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة “اليونيسكو”، فعاليات متنوعة تشمل جولات للشبان والفتيات في ساحات المدينة مرتدين أزياءهم التراثية، التي تعكس ثقافات تعود للقرن السابع الميلادي، حيث تأسست مدينة هرر.
وفي غمرة المناسبة تزخر الشوارع بالفلكلور والأهازيج الشعبية مستقطبة الزوار والسياح، ويعتبر المهرجان فرصة للشباب والفتيان للبحث عن شريكة العمر، بحسب تقاليد لأهالي مدينة هرر.
وقال سفير السياحة في إقليم هرر، زاهد زيدان، -في حديثه لـ”بودكاست فانا عربي”- إن “احتفالية شوال بدأت في عام 1541 ميلادي، إبان سلطنة عدل، بعد عودة الإمام أحمد بن إبراهيم الغازي من معركته مع إمبراطور الحبشة آنذاك لبنا دنقل”.
وأوضح أن أهالي هرر رغبوا حينها في إقامة احتفال بمناسبة النصر، غير أن الإمام فضّل تأجيله إلى ما بعد صيام الست من شوال، ليمنح الفرصة لمقاتلي جيشه الذين فاتتهم أيام من رمضان بسبب المعارك، وكذلك تضامناً مع النساء اللائي لم يكملن صيام الشهر الفضيل.
وأضاف: “بعد الانتهاء من صيام الست، أقيم الاحتفال، وتحول مع مرور الزمن إلى مهرجان ثقافي وتراثي، يشمل جميع أفراد المجتمع”.
وتحدث زاهد زيدان عن أحد التقاليد الراسخة لدى أهالي هرر، والمتمثل في البحث عن شريكة الحياة خلال مهرجان شوال، موضحًا أن من عادات الهرريين أن يكون المهرجان مناسبة للخطبة، على أن يتم عقد القران لاحقًا في شهر ربيع الأول، تزامنًا مع ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى أن هذا التقليد نشأ بناءً على رؤية الإمام أحمد بن إبراهيم الغاري، الذي اقترح أن يكون هذا اللقاء فرصة للخطبة، خاصة بعد استشهاد عدد كبير من مقاتليه في المعركة، ولتوفير مساحة اجتماعية لأهالي المنطقة المنهمكين في شؤون الحياة أو المبتعدين عن المدينة، ليكون المهرجان مناسبة جامعة للالتقاء والتواصل وبحثًا عن شريكة العمر.
وفي حديثه عن الجهود المبذولة لتوظيف مهرجان شوال في دعم القطاع السياحي، أوضح زاهد زيدان أن الحكومة الإثيوبية تعمل على أن يبقى الاحتفال محصورًا في مدينة هرر، بهدف الحفاظ على أصالته التاريخية والثقافية.
وأشار إلى أن هذا التوجه يهدف إلى توحيد الهرريين في مكان واحد، وتعزيز الدور السياحي للمدينة التاريخية، لما لذلك من أثر إيجابي في الترويج لإقليم هرر على المستويين المحلي والدولي.
وأضاف أن الحكومة تعمل على ترميم المعالم التاريخية في المدينة بأسلوب يحافظ على أصالتها، دون المساس بالقطع الأثرية، من خلال إدخال تحسينات جمالية مدروسة، مثل تعزيز الإضاءة العامة، وصيانة السور التاريخي المعروف بـ”سور جقل”، والاهتمام بنظافة المدينة.
وتصنف حكومة الإقليم الهرري مهرجان شوال مناسبة قومية مميزة، ويهدف ضمن إشاراته إلى تعزيز قيم التسامح والتضامن والسلام في البلاد، ويشكل حافزاً ثقافياً لقطاع السياحة وإظهار المدينة الأثرية بصورة جمالية ضمن دلالاتها الأثرية والمعنوية.